حكم الشريعة الإسلامية من العملات الرقمية
تطرح العديد من الأسئلة حول حكم تداول العملات الرقمية من الناحية الشرعية، ويتصاعد الاهتمام بهذه الأداة المالية مع زيادة شعبيتها والإقبال عليها بين المتداولين في العالم العربي. ومع ذلك، يبقى هذا السؤال محور جدل مستمر، ويرجع ذلك إلى عدم وجود اتفاق شامل حول حكم تداول العملات الرقمية والإستثمارفيها من قبل العلماء والمفتين.
كما أقرت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بأن العملات الرقمية لا تمتلك أساسًا شرعيًا وقد ترتبط بأنشطة محظورة وتتعارض مع المصلحة العامة. وبناءً على ذلك، فإن الموقف الرسمي لهيئة كبار العلماء هو تحريم التعامل بالعملات الرقمية بأي شكل من الأشكال. وقد أكدت الهيئة هذا الموقف في عدة مناسبات، بما في ذلك فتوى رسمية صدرت في عام 2022.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه يجب أن نلاحظ أن بعض العلماء المرموقين الذين ينتمون إلى هيئة كبار العلماء لا يتفقون مع هذا الرأي. إذ يرون أن تداول العملات الرقمية قد يكون جائزًا شريطة أن يتم وفقًا للضوابط الشرعية للمعاملات المالية والتجارية. ومن بين هؤلاء العلماء الأجلاء الدكتور محمد خريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى، والدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود.
من جانب آخر تضمن موقع سماحة الشيخ ابن باز سلسلة من الفتاوى المتعلقة بالتداول، ولم تقدم إجابة صريحة حول حلالية أو حرمان تداول العملات الرقمية. وقد تناولت هذه الفتاوى التداول بشكل عام، وأجازت تداول مختلف أنواع العملات الرقمية بشروط محددة، بما في ذلك شرط المقابضة والتبادل الفوري. ولكنها حظرت بشكل قاطع التداولات القائمة على المعاملات الآجلة.
بالنسبة للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات، فقد أعلنت أنه يجوز تداول العملات الرقمية بمختلف أنواعها وفئاتها، شريطة أن تكون تلك العملات مقبولة لدى المتداولين الآخرين وتمتلك قيمة حقيقية. وتنصح الهيئة بأن يكون التداول متوافقًا مع الضوابط الشرعية العامة والمعترف بها. يجب أيضًا أن نشير إلى أن الهيئة الإماراتية أوضحت ضرورة تجنب استخدام الرافعة المالية في التداول بالعملات الرقمية، وذلك لتقليل المخاطر المرتبطة بها.
فيما يتعلق بالاستثمار في العملات الرقمية، أشار العديد من العلماء إلى أن التداول بالعملات الافتراضية مثل البتكوين غير جائز، وذلك راجع لعدة أسباب سيتم ذكرها في هذا المقال.
من بين الأمور التي دفعت العلماء إلى تحريم التعامل بالعملات الرقمية:
- طبيعة التعامل غير معروفة، وقد يحدث التداول فيها بطرق غير شرعية دون علم المستثمر.
- عدم اعتماد العملات الرقمية كعملة نقدية رسمية من قبل الدولة، وهذا يعتبر بسك النقود في الفقه الإسلامي.
- عدم وجود أصول حقيقية للبتكوين وعدم ارتباطها بالمؤسسات المالية الرسمية، مما يجعلها عملة غامضة من جميع النواحي.
- عدم وجود ضوابط مالية أو رقابية تحمي العملات الرقمية.
- تقلبات سعر العملات الرقمية الشديدة التي يمكن أن تؤدي إلى خسارة كبيرة للمستثمر.
- الأثر السلبي للعملات الرقمية على اقتصاد الدول.
- تشبه التعامل بالعملات الرقمية بالقمار المحرم شرعًا.
- قد تسبب في انتهاك حقوق الأشخاص وانتزاع أموالهم بطرق غير مشروعة.
مواصفات النقود أوالنقد
النقود يجب أن تتوافر فيها ثلاثة مواصفات: أن تكون معيارًا للقيمة، وأن تكون وسيلة لتخزين الثروة، وأن تكون مقبولة بين العامة. وهذه الشروط لا تتوفر في كلها في العملات الرقمية حاليا على حد قولهم..
ومع ذلك، إذا اعترفت الدول بالعملات الرقمية في المستقبل وأنشأت تشريعات تحمي حقوق المستثمرين وتزيل الشكوك والمخاطر المحيطة بها، فقد يتغير حكم التعامل بها وفقًا لنوع الاستثمار. والله تعالى أعلم.
سأشارك معكم رابط الفيديو على قناة *Insan_broadcast - إذاعة إنسان* على اليوتيوب بعنوان "العملات الرقمية | الشيخ : د. مطلق الجاسر | بودكاست إنسان"
هذا قول الشيخ د. مطلق الجاسر:
وكذالك رابط لمقابلة مع "الشيخ عبد الله السلمي " على قناة المجد عن موضوع * الاستثمار في العملات الرقمية "البيتكوين" و "الايثريوم" | الشيخ أ.د. عبدالله السلمي | الجواب الكافي *
وهذا قول الشيخ أ.د. عبدالله السلمي:
على العموم، يتباين الموقف الشرعي تجاه التعامل بالعملات الرقمية بين الدول الإسلامية والعلماء الفقهاء. قد يوجد اختلاف في الرؤى والتفسيرات الشرعية حول هذه المسألة. لذا، يُنصح دائمًا بالتشاور مع علماء دين موثوقين ومتخصصين في الفقه الإسلامي للحصول على رأي شرعي دقيق ومحدث بشأن التعامل بالعملات الرقمية في بلدك.
